top of page

أسئلة في بعض الشبهات

 

قولهم  الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):


(فَإِنْ قَالَ: أَنَا لاَ أَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ، وَهَذَا الالْتِجَاءُ إِلَى الصَّالحِينَ وَدُعَاؤُهُمْ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ.
فَقُلْ لَهُ: أَنْتَ تُقِرُّ أَنَ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكَ إِخْلاَصَ الْعِبَادَةِ لله وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ.
فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: بَيِّنْ لِي هَذَا الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَهُوَ إِخْلاَصُ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ؟ ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَعْرِفُ الْعِبَادَةَ، وَلاَ أنْوَاعَهَا.
فَبَيِّنْهَا لَهُ بِقَوْلِكَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) [الأعراف 55]
إِذَا عَلِمتَ بِهَذَا فَقُلْ لَهُ هَلْ هُوَ عِبَادَةٌ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ، (وَالدُّعَاءُ مِنَ الْعِبَادَةِ)
فَقُلْ لَهُ: إِذَا أقْرَرْتَ أَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَدَعَوْتَ اللَّهَ لَيْلاً وَنَهَاراً، خَوْفًا وَطَمَعاً، ثُمَّ دَعَوْتَ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ نَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ؟ هَلْ أَشْرَكْتَ في عِبَادَةِ اللَّهِ غَيْرَهُ؟
فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: فإذا قَالَ اللَّهُ
(فَصَلِّ لِربكَ وَانْحَرْ) [الكوثر 2] وأَطَعْتَ اللَّهَ، وَنَحَرْتَ لَهُ، هَلْ هَذِهِ عِبَادَةٌ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ: إِذَا نَحَرْتَ لمخُلُوقٍ - نَبِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا-  هَلْ أَشْرَكْتَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ غَيْرَ اللَّهِ؟
فَلاَ بُدَّ أن يُقِر ويَقُولَ: نَعَمْ.
وَقُلْ لَهُ - أَيْضاً-: الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهُم الْقُرْآَنُ هَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَالصَّالِحِينَ، وَاللاَّتَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ؟
فَلاَ بُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ.
فَقُلْ لَهُ : وَهَلْ كَانَتْ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ إِلاَّ في الدُّعَاءِ، وَالذَّبْحِ، وَالالْتِجَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ وَإلاَّ فَهُمْ مُقِرُّونَ أَنَّهُمْ عَبِيدُ الله، وَتَحْتَ قَهْره، وَأنَّ

اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ الأمْرَ  وَلكِنْ دَعَوْهُمْ وَالْتَجَأوا إِلَيْهِمْ لِلجَاهِ والشَّفَاعَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًا.

قولهم أتنكرون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه (كشف الشبهات):

(فَإِنْ قَالَ: أتُنْكِرُ شَفَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَتَبْرَأُ مِنْهَا؟
فَقُلْ له: لاَ أُنْكِرُهَا وَلاَ أتَبَرَّأُ مِنْهَا، بَلْ هُوَ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ - الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ، وَأَرْجُو شَفَاعَتَهُ، وَلكِنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا للَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً) [الزمر 44] وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ كَمَا عَزَّ وَجَلَّ (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) [البقرة 255] وَلاَ يَشْفَعُ فِي أَحَدٍ إِلاَّ بَعْدَ أنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ كَمَا عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) [الأنبياء 28] 
وَهُوَ لاَ يَرْضى إِلاَّ التَّوْحِيدَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
(وَمَنْ يَبْتَغ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران 85]
فَإِذَا كَانَتِ الشَّفَاعَةُ كُلُّهَا لِلَّهِ، وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ إِذْنِهِ، وَلاَ يَشْفَعُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَلاَ غَيرُهُ فِي أحَدٍ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ، وَلاَ يَأْذَنُ الله تعالى إِلاَّ لأَهْلِ التَّوْحِيدِ تَبَيَّنَ لَكَ: أنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لِلَّه، وَأَنَا أطْلُبُهَا مِنْه فَأَقُولُ: اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنِي شَفَاعَتَه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَأمْثَالُ هَذَا.)

قولهم النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

(فإِنْ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أُعْطِيَ الشَّفَاعَةَ، وَأنَا أطْلُبُ مِنهُ مِمَّا أعْطَاهُ اللَّهُ؟.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ أعْطَاهُ الشَّفَاعَةَ، وَنَهَاكَ أَنْ تَدعُوَ مَعَ اللهِ أَحَداً فَقَالَ تَعَالَى
(فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا) [الجن 18].
فَإذَا كُنْتَ تَدْعُو اللَّهَ أنْ يُشَفِّعَ نبيه فيكَ؛ فَأَطِعْهُ فِي قَوْلِهِ
(فَلاَ تَدْعُوا مَع اللَّهِ أحَدًا) [الجن 18].
وَأَيْضاً: فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ أُعْطِيَهَا غَيْرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فَصَحَّ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ يَشْفَعُونَ، وَالأَوْلِيَاءَ يَشْفَعُونَ، وَالأَفْرَاطَ يَشْفَعُونَ، أَتَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أعْطَاهُم الشَّفَاعَةَ؛ وأطْلُبُهَا مِنْهُمْ؟.
فَإِنْ قُلْتَ هَذَا رَجَعْتَ إِلَى عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ، التِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا الشِّركُ الَّذِي لَا يَغفِرُهُ.
وَانْ قُلْتَ: لاَ، بَطَلَ قَوْلُكَ: أعْطَاهُ اللَّهُ الشَّفَاعَةَ، وَأنَا أطْلُبُ مِنهُ مِمَّا أعْطَاهُ اللَّه.)

قولهم الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

فَإِنْ قَالَ: أنَا لاَ أُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، حَاشَا وَكَلاَّ، وَلكِن الالْتِجَاء إِلَى الصَّالِحِينَ لَيْسَ بِشِرْكٍ!
فَقُلْ لَهُ: إِذَا كُنْتَ تُقِرُّ أنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الشّرْكَ أعْظَمَ مَنْ تَحْرِيم الزِّنا، وَتُقِرُّ أنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُهُ، فَمَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي عَظَّمَهُ اللهُ وَذَكَرَ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي!

فَقُلْ لَهُ: كَيْفَ تُبَرِّئُ نَفْسَكَ مِن الشِّرْكِ وَأنْتَ لاَ تَعْرِفُهُ؟ أَمْ كَيْفَ يُحَرِّمُ اللَّهُ عَلَيْكَ هَذَا وَيَذْكُرُ أنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ وَلاَ تَسْأَلُ عَنْهُ وَلاَ تَعْرِفُهُ؟ أَتَظُنُ أَنَّ اللَّهَ تعالى يُحَرِّمُهُ وَلاَ يُبَيِّنُهُ لَنَا؟.

ولهم الشرك عبادة الأصنام، ونحن لا نعبد الأصنام

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

(فَإِنْ قَالَ: الشِّرْكُ بالله عِباَدَةُ الأَصْناَمِ، وَنَحْنُ لاَ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ!
فَقُلْ لَهُ: ومَا مَعْنى عِبَادَةِ الأَصْناَمِ؟؛ أتَظُنُّ أنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أنَّ تِلْكَ الأَخْشَابَ وَالأَحْجَارَ تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ، وَتُدَبِّرُ أَمْر مَنْ دَعَاهَا؟؛ فَهَذَا يُكَذِّبُهُ الْقُرْآَنُ كَمَا في قَولِهِ تعالى
(قُل مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ..) الآية [يونس 31]
أَو هُوَ قَصَدُ أَثَرِ عَبدٍ صَالِحٍ؛ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا، أَوْ بَنِيَّةً عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَيْرِهِا، يَدْعُونَ ذَلِكَ الصَّالِحَ عِندَهَا، وَيَذْبَحُونَ لَهُ، ويَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَرِّبُنَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَيَدْفَعُ اللَّهُ عَنَّا بِبَرَكَتِهِ، وُيعْطِينَا بِبَرَكَتِه؟
فَقُلْ صَدَقْتَ، وَهَذَا هُوَ فِعْلُكُمْ عِنْدَ الأَحْجَارِ، وَالأبنية الَّتي عَلَى الْقُبُورِ وَغَيْرِهَا.

فَهَذَا قَد أقَرَّ أَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؛ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ.)

حاصل الأجوبة عن قولهم  نحن لا نشرك بالله، والشرك عبادة الأصنام

(قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات :

(وَسِرُّ الْمَسأَلَةِ: أنَّهُ إِذَا قَالَ -أي المشرك أو صاحب الشبهة- : أَنَا لاَ أُشْرِكُ بِاللَّه؛ِ فَقُلْ لَهُ: وَمَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ؟ فَسِّرْهُ لِي؟ فَإِن قَالَ: هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؛ فَقُلْ لَهُ: وَمَا مَعنَى عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؟ فَسِّرْهَا لِي؟ 
فإِنْ قَالَ: أنَا لاَ أعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ وَحْدَهُ؛ فَقُلْ لَهُ: مَا مَعْنَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؟ فَسِّرْهَا لي؟
فَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَهْو الْمطْلُوبُ، وَإِن لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي شَيْئًا وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ؟.
وَإنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ بَيَّنْتَ لَهُ الآَيَاتِ الْوَاضِحَاتِ فِي مَعْنَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ وأنَّهُ الَّذِي يَفْعَلُونَه فِي هَذَا الزَّمَانِ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ هِيَ التِي يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا، وَيَصِيحُونَ عَلَينَا كَمَا صَاحَ إِخْوَانُهُمْ حَيْثُ قَالُوا
(أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَـهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) [ص 5].)

هل أن زيارة قبور الصالحين تثلم من التوحيد ؟

سؤاله الآخر يقول هل أن زيارة قبور الصالحين تثلم من التوحيد الإلهي إن لم يجعل الزائر المقبورين أرباباً دون الله وهل من فرق بين الألوهية والربوبية.

الشيخ محمد بن صالح العثيمين 

زيارة قبور الصالحين وغيرها من قبور المسلمين تنقسم إلى قسمين زيارة شرعية وزيارة بدعية فالزيارة الشرعية هي أن يزورهم الإنسان للاتعاظ وتذكر الآخرة والدعاء لهم يعني يسأل الله لهم أن يغفر لهم ويرحمهم فهذه جائزة وشرعية أيضاً مطلوبة من العبد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة) ولإرشاده صلى الله عليه وسلم من زار القبور أن يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين إلى آخره والدعاء معروف ومشهور وأما القسم الثاني فهي الزيارة البدعية أو الشركية وهي أن يزور الإنسان قبور الصالحين والمسلمين لأجل أن يدعوهم ويستغيث بهم في قضاء الحوائج وحصول المنافع فهذا حرام ولا يجوز بل يكون من الشرك إما الأكبر أو الأصغر حسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية أو يزورهم لأجل أن يدعو عند قبورهم يدعو الله عند قبورهم اعتقاداً منه أن الدعاء عند القبور أفضل من دعاء الله تبارك وتعالى في مكان آخر فهذا أيضاً من البدع فإنه لا خصوصية للقبور في إجابة دعاء الله تبارك وتعالى وعلى هذا فإذا زار قبول الصالحين على الوجه الأول المذكور في القسم الأول فهذا لا بأس به ولا حرج وأما سؤاله ما الفرق بين الألوهية والربوبية الفرق بينهما أن الألوهية هي العبادة فتوحيد الألوهية معناه توحيد الله تعالى بعبادتك أي أن تعبد الله مخلصاً له الدين كما قال الله عز وجل (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) وأما توحيد الربوبية فهو إفراد الله تبارك وتعالى بالربوبية وهي الخلق والتدبير الكوني والشرعي كما قال الله عز وجل (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ويتضح ذلك بالمثال فالرجل الذي يؤمن بالله رباً ومدبراً خالقاً متصرفاً كما يشاء ولكنه يسجد لصنم هذا مقر بالربوبية لكنه كافر بالألوهية والإنسان الذي لا يعبد غير الله ولكنه يعتقد أن هناك خالقاً مع الله أو معيناً له فإن هذا مشرك بالربوبية كافراً بها وإن كان في العبودية مقراً لكن هذا أيضاً لا ينفعه الإقرار به كما أن من أشرك في الألوهية لا ينفعه الإقرار بالربوبية إذ لابد من التوحيدين جميعاً توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وإنما ذكرنا ذلك لمجرد بيان الفرق وإلا فالحكم واحد فمن أشرك بالله في ألوهيته فهو مشرك وإن أقر بالربوبية ومن أشرك بالله في الربوبية فهو مشرك وإن أقر بالألوهية وأخلص.

هل الإيمان هو التوحيد ؟

بارك الله فيكم فضيلة الشيخ يقول اسأل في سؤالي الثاني أقول هل الإيمان هو التوحيد

الشيخ محمد بن صالح العثيمين 

الإيمان والتوحيد شيئان متغايران وشيئان متفقان فالتوحيد هو إفراد الله عز وجل بما يستحقه ويختص به من الربوبية والألوهية و الأسماء والصفات ولهذا قال العلماء رحمهم الله إن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وأن هذه الأقسام جاءت في قول تعالى(رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) فقوله رب السماوات والأرض وما بينهما يعني توحيد الربوبية وقوله فاعبده واصطبر لعبادته يعني توحيد الألوهية وقوله هل تعلم له سميا يعني توحيد الأسماء والصفات وهذا التقسيم الإيمان في الواقع لأن الإيمان بالله عز وجل يتضمن الإيمان بروبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وعلى هذا فالموحد لله مؤمن به والمؤمن بالله موحد له لكن قد يحصل خلل في التوحيد أو في الإيمان فينقصان ولهذا كان القول الراجح أن الإيمان يزيد وينقص يزيد وينقص في حقيقته وفي آثاره ومقتضياته فالإنسان يجد من قلبه أحياناً طمأنينة بالغة كأنما يشاهد الغائب الذي كان يؤمن به وأحياناً يحصل له شي من قلة هذا اليقين الكامل وإذّا شئت أن تعرف أن اليقين يتفاوت فاقرأ قول الله تعالى عن إبراهيم خليله عليه الصلاة والسلام (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) كما أنه أيضا يزيد بآثاره ومقتضياته فإن الإنسان كلما ازداد عملا صالحا ازداد إيمانه حتى يكون من المؤمنين الخلص.

هذا و الله أعلى و أعلم و صلى الله على نبينا محمد وعلى اله و سلم تسليما

bottom of page